رواية «ذات»، ونظرية «النقطة الثابتة» في الرياضيات

 

حبيب عبدالرب سروري

 

(مداخلة مقدّمة لندوة «الرواية وسلطة التخييل في الثقافة العربية» (محور: تَمثُّل البيروقراطية في الرواية )

باريس/ اليونسكو من 22 إلى 24 مايو 2006 )

1)    مدخل:

الحضور الشديد للسلطة والحاكم في الخطاب الروائي العربي ظاهرةٌ ساطعة حلَّلتْ أسبابَها، وتطرَّقَتْ لبعض ملامِحها وتجلّياتِها، دراسةُ الأستاذ سعيد يقطين: «الزمن والسلطة في الخطاب الروائي العربي الجديد»، المقدَّمة لهذه الندوة.

في أنموذج رواية «ذات» لصنع الله إبراهيم، التي أوّد الحديث عنها في هذه المداخلة، لا يحضر الحاكم بشكل مباشر كونه «ظلّ الله في أرضه». هو إلهٌ خفيٌّ يمارس سلطته في سحق المحكوم وإخضاعه عبر وسيطٍ أكثر دهاءً وحضوراً ونجاحاً وفعاليةً: جهازٍ شموليٍّ تكيَّفَ وتطوَّرَ وتخثَّرَ وتأبَّدَ مع مرّ الزمن، يحاصر المحكوم في كلِّ مكان ولحظة حتى آخر أنفاسه، يشغلُه باللهث وراء لقمة العيش والقلق الدائم، يستولي ويهيمن على دماغه منذ طفولته، ويعلِّمه بامتياز كيف لا يُفكِّر ولا يرفض...

      الفكرة الجوهرية الثانية في دراسة يقطين: «الزمن مادة بيد السلطة» (المستوحاة من مفهوم «حكَّام الوقت»، الذي أطلقه الأستاذ محمد برادة في كتابه «لعبة النسيان» على حكّامنا الذين «يجيدون توظيف الزمن واستخدام القمع جنباً إلى جنب»، لإطفاء جذوة المواطن وقدرته على المقاومة) تتجسَّدُ أيما تجسيد في رواية «ذات». إذ تنهزم بطلة الرواية في آخر المطاف، وتنتصر بيروقراطية «حكّام الوقت» بشكلٍ نهائيٍّ قاطع... لعلّ هذا الانتصار في واقعنا العربي، كما سنحاول إجلاءه من وحي رواية «ذات»، أضحى اليوم انتصاراً مطلقاً وصل إلى «نقطة ثابتة» تمنحه سمات الديمومة!...

 

2) حول بنية الرواية:

بنية رواية «ذات» (الطبعة الرابعة، دار المستقبل العربي) لِصنع الله إبراهيم وأولوياتها السرديّة تختلف كثيرا عن البنى الروائية التقليدية: تكتنف دفّتاها «روايتين» متوازيتين مستقلتين في الظاهر، تحتلّ الأولى الفصول ذات الأرقام الفرديّة والثانية الفصول ذات الأرقام الزوجية.

«الرواية الأولى» مكرّسةٌ لجولةٍ ميكروسكوبية في السيرة الذاتية لبطلتها: ذات، وفي كلِّ ما يلتصق بكينونتها وهمومها اليومية. تتنقّل عدسة الكاتب خلالها في كلِّ المحطات الأساسية في حياة ذات، أو في كلِّ «صفعات» حياتها على حدّ تعبير الرواية، منذ صفعة الولادة، صفعة اكتشاف التغيّرات المفاجئة في جسدها واقتلاع بعضٍ من «زائدتها البظرية»، حتى ليلة دُخْلتها مع زوجها الباهتِ جدا: مجيد (عندما وجدا نفسيهما عاريين يبكيان في طرفي سرير)، وانتهاءً بيوميات حياتهما المشتركة في مختلف أبعادها اليومية: عملها العبثي السخيف في إحدى الصحف وتدحرجاتها الوظيفية نحو قسم الإرشيف، هموم وأوضاع البيت، عمارة السكن، الإنجاب والمستشفى، الأطفال، مدارس تعليمهم، المحاكم والبوليس... تجوبُ عدسةُ الكاتب عمداً في أدقّ تفاصيل هذه الأبعاد، تتنقّلُ بين أبسط آثاث المنازل والمكاتب والعمارات، وتلتقطُ أكثر الألفاظ والرموز والحوارات تداولاً ودلالة. ترصد العدسة جزيئيات هذه التفاصيل بتأنٍ مقصود شديد الإيماء والإيحاء والرمزية. ترسم بذلك لوحةَ يومياتٍ تبدو اعتيادية جدّاً في الغالب من فرط تكرُّرِها في حياة المجتمع، وتبدو في نفس الوقت إذا ما نُظِرَ لها بتجرُّدٍ خالص (وهذا دليل خطورتها القصوى) شديدةَ التعبيرية والإجلاء لِواقعٍ يغرق في دوامة من الفشل والهزيمة والانسحاق، غَرَقاً أخذ اليوم طابع التكرّر والثبات والديمومة المطلقة!

«الرواية الثانية» هي عبارة عن نسيجٍ من مقتطفات متنوعة من أخبار الصحافة المصرية التي نُشِرتْ في نفس سنوات فصول الرواية الأولى. يكتفي الناشر بتعليل ذلك بأن «المؤلف قصد بها أن يعكس الجو الإعلامي العام الذي أحاط بمصائر شخصيّاته وأثَّرَ فيهم» فيما صلَتُها بالرواية الأولى أعمق وأهمُّ من ذلك بكثير. لعلّ هذه الجولة الصحفية هي التي تموسق الرواية الأولى وتقود حركة عدستها، ناهيك أنها تفسِّرُ غالباً وتكشف ماوراء يومياتها وأحاديثها ومصائرها!

الأمثلة على ذلك لا حصر لها: 1) أخبار الكذب والتزوير الحكومي في الرواية الثانية توازيها يوميات سرقة ذات وأطفالها للنقود من جيوب ملابس مجيد. 2) تصريحات المرجع الديني الرسمي متولي الشعراوي في الرواية الثانية بأنه «خلال أربعين سنة لم يفتح غير كتابٍ واحد: القرآن الكريم»، وشذرات الأخبار الصحفية التي تُجلي تَصاعُدَ سلطة الفقهاء واشتراكها مع رأس الحكم في منهجية تحجيم وتدمير العقل، ترافقها في الرواية الأولى تطورات غزوِ التزمُّتّ الديني و«ثورة الحجاب» لِحياة ذات (التي ترعرعت سافرةً مثل بنات جيلها، قبل أن تضع منديلاً على الرأس، أضحى بعدها «مش كفاية» على حدّ تعبير مجيد، لِيستفحل شيئاً فشيئاً ويتحوّل إلى حجاب كامل.) 3) أخبار شراء الحكومة في الرواية الثانية لمواد استهلاكية تالفة انتهى تاريخ استعمالها، يرادفها في الرواية الأولى قصة شراء ذات لسمكٍ فاسدٍ مُنقّعٍ بالخل من بائع بسيط، وما تلى ذلك من سردٍ روائيٍ رائع لِمحاولة ذات البائسة باللجوء إلى الشرطة للشكوى التي لم تؤد إلا إلى معاناة إضافية: فبجانب كل التعقيدات البيروقراطية وعبث اللهث وراء التوقيعات في أقبية مركز الشرطة، حدثَ خطأٌ بسيط في كتابة تاريخ محضر الشكوى، ألزم كتابة محضر ثانٍ لتصحيح المحضر الأول. غير أن المحضرَين دخلا في دورتين بيروقراطيتين، غير متزامنتين، حافلتَين بطقوس الأرشفة والبحث عن توقيعاتِ موظَّفِين غير متواجدين... استحال خلال ذلك تواجد المحضرَين في نفس المكتب وفي نفس الوقت، لِتتبدّد في آخر المطاف قضية الشكوى وتنهار العزيمة لمواصلتها...

باختصارٍ شديد، التناغم بين الروايتين يفقع النظر: أحداثهما تدور في أجواء شديدة الانسجام، تغلغلت فيها حتى النخاع قِيَمُ الفساد والكذب والبيروقراطية واحتقار المواطن والتفاني في إذلاله. والتكامل بينهما يفقع النظر أيضا: فيما تستغرق الرواية الأولى في الحفر في أغوار الحياة الخاصة لذات وفي إجلاء تفاصيلها الأكثر ميكروسكوبية، تختار الثانية من بلاغة الأخبار الصحفيّة اليومية أحداثاً ماكروسكوبية شديدة الدلالة والتعبيرية عن الصورة الكلية للواقع العام.

هكذا، في الحصيلة النهائية، تبدو الخارطة البيولوجية للواقع جليّةً في ملامحها الموضوعية الشاملة، ودقيقةً في تفاصيلها الذاتية الصغيرة. تتكامل وتتلاحم في تلك الخارطة الصورةُ التشريحيةُ العامة لِجسد الواقع بمجمله في الرواية الثانية، مع الصورة التشريحية التفصيلية لكروموزومات وجينات إحدى خلايا ذلك الجسد: ذات، كما تقدّمها الرواية الأولى.

 

3) منهجية هزيمة الذات وانتصار البيروقراطية في الرواية:

      لعلَّ سيرة ذات أشبه ب«محضرِ حياة» نموذجٍ متوسطٍ من البشر، يُشبِهُ أكثر من غيره الغالبية الساحقة من العامة الذين تكتظُّ بهم شوارع المدن العربية من الدار البيضاء إلى عُمان مرورا بالقاهرة ودمشق. يشترك مع كلِّ واحدٍ منهم (وإن لم يكن أحدهم بالضرورة) بكثير من الرؤى، بقسطٍ هامٍّ من نفس أنماط السلوك والتفكير والمصائر.

ذات امرأةٌ طيّبةٌ دافقة الأحاسيس، لا تخلو من الطاقة العارمة والحماس الصادق والأحلام المُكبَّلة. لو قُرِئَت حياتها بكثير من التجرُّد، لَلُوحِظَ من أوّل وهلة أنها حياةٌ مضنيةٌ تعيسةٌ فقيرةٌ بائسة، في واقعٍ عبوسٍ يتقهقر أكثر فأكثر. يولد المرء فيه غلطاً، يدرس غلطاً، يعيش غلطاً، يمارس الجنس غلطاً، ينجبُ غلطاً، يموتُ غلطاً... حياةٌ مملَّةٌ جدّاً، «الصبر فيها عايز صبر لوحده»، الملل فيها من الملل أضنكُ من الملل نفسه. ناهيك أنها وصلت إلى طريقٍ مسدودٍ تماماً!...

      لعلّ الأسوأ والأقتم من كلِّ ذلك هو أن حياة ذات ومجتمعها، كما تنطوي عليه الرواية، هو تجسيدٌ وتطبيقٌ اجتماعيٌّ خلّاق لنظرية «النقطة الثابتة» في الرياضيات!

      ثمّة صيغٌ عديدة لنظريات في الرياضيات تحمل جميعها اسم «النقطة الثابتة»، لها تطبيقات شتّى لاسيما في «علم الأتمته». إحدى تلك الصيغ تسمح مثلاً ببرهنة أنه إذا تم تحريك سطح كأس من الشاي بالملعقة، بأي طريقة كانت ولأي مدّة كانت، فثمة نقطةٌ في سطح الشاي تظل ثابتةً في مكانها! غير أن أبسط النظريات التي تحمل ذلك الاسم، تلك التي تهمني هنا، تقول: «في أي متوالية من القِيَم التي تُحسَبُ كل قيمةٍ منها انطلاقاً من سابقتها بواسطة دالَّةٍ رياضية، إذا ساوت قيمةٌ ما سابقتَها، فكل قيَمِ المتوالية التي تتبعهما هي قِيَمٌ ثابتةٌ لها نفس قيمتهما».

      إذا اعتبرنا هنا بشكلٍ مجازيٍّ سلسلة صفعات حياة ذات (وحياة مجتمع ذات بالضرورة) متواليةً من تلك القيَم (التي يمكنُ تقديرها أو حسابها بشكلٍ أو بآخر)، وإذا أعتبرنا الدالةَ الرياضية هي مجموع العلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية السائدة التي تنقل الواقع من حالةٍ لحالة، فلعلّ أهم ما تنطوي عليه رواية ذات، في ضوء هذه النمذجة الرياضية التقريبية التبسيطية لسيرورة حياتها، هو أن هذه الحياة ( مثل حياة مجتمع ذات) تؤول اليوم إلى متوالية ثابتة، لأن «تطوُّر وانتقاء» هذه العلاقات أوصلها اليوم إلى صيغةٍ ثابتة مكَّنتها من النجاح والقدرة على تجميدِ الواقع وجعلهِ يقاوم حركة الزمن! الحق أن كل شيء في الرواية يدلُّ على ذلك:

1) الرمز، أولاً: أمجد، ابن ذات ومجيد، نسخةٌ مستقبليَّةٌ من والده إلى هذا الحدّ أو ذاك. ذات نفسها (باسمها ذي الطابع الثابت الرتيب، كما يشرحه القاموس: «ذَاتُ الإِنْسَانِ» يعني: نَفْسُهُ. «ذاتُ الشَّيْءِ» يعني: عَيْنُهُ، جَوْهَرُهُ.) تكرارٌ لِ«ذاتٍ» أخرى تمتلك نفس العقلية، تكرّرُ نفس الحياة وتعيش نفس الهزائم، في نفس النمط من المجتمع، منذ قرون!

      2) الدالّة التي تنقل الواقع من حالة لحالة، أو العلاقات الاقتصادية الاجتماعية الثقافية السائدة: يتّضحُ من الرواية أن هذه العلاقات وصلت اليوم بعد سلسلة من «التطور والانتقاء» إلى صيغةٍ جامدةٍ مُتأبِّدة، يصعب زحزحتها لأنها تعيد بفاعلية ونجاحٍ كبيرين خلق كلِّ مقومات استمرارها. سيناريو ديمومتها يتمُّ، كما توضحه الرواية، بالشكل التالي:

مثل الأغلبية الساحقة من العامّة، تلهثُ ذات من أجل لقمة العيش. يأسر ذلك معظم طاقاتها اليومية، يتركها ليل نهار فريسة الكرب والمعاناة والألم والأحلام العبثية. مثلهم، تترعرع ذهنيّتها على ثقافة الإذلال والخوف والخضوع المطلق للطغيان اليومي، تحاصرها بيروقراطيةٌ قاسية تقتلُ فيها ببطء جذوة العزيمة والهمّة والأمل. مثلهم، تعاني منذ مولدها من غسيل دماغ ثقافي ديني اجتماعي يُعلِّمها بامتياز كيف لا تفكِّر، أو بالأحرى كيف لا تفكِّر إلا في التراهات: في وضع رفيقاتها وجيرانها وحسد بعضهم البعض، في خلافاتها المضنية مع رفيقات العمل في إرشيف الصحيفة حول طُرُقِ ترتيبِ الآثات المنزلية الصغيرة، وفي أشياء كثيرة أخرى من نفس القبيل. تعلِّمها هذه الثقافة كيف تفكِّرُ في أي شيء إلا في وضعها العام، في مأساتها الوجودية ومسبباتها الثقافية والدينية والمعرفية! ذلك آخر ما يمكنها التفكيرُ به! تعلِّمها مغالطة نفسها وذويها وجيرانها والتدخّل في شئونهم وتنكيد أحوالهم. تعلِّمها فنّ الصراعات الصغيرة معهم، تعلِّمها النفاق والكذب الدائم! تعلّمها كيف تكون مثل رفيقات الإرشيف «ماكينة بثّ» لا تتوقف عن الهمز واللمز والسخرية العبثية، تعلمها كل شيء إلا إرادة التغيير والجرأة على رفض الحاكم الذي يدمِّر وينهب حياتها حتى مخّ العظم، ويضمن انحناءها أمامه واستسلامها اليومي له بواسطة سياج من العوائق البيروقراطية والممنوعات...

      3) نهاية الرواية أخيراً: آخر الصفحات تنتهي بانغماس ذات في قصص «عفاريت العمارة»، في مشروع الحج إلى بيت الله، وفي آخر نحيب بعد شراء لحمٍ فاسد! لا تمتلك ذات هذه المرة حتى المقدرة على الشكوى في أقرب مركز شرطة! تنتصر هكذا البيروقراطية، تنجح بشكل نهائي بإطفاء آخر طاقات ذات، بفضل مقدرتها على توظيف الزمن لصالحها واستنزاف قوى الإنسان وإخضاعه بشكلٍ دائم! تنهزم ذات أخيرا، تنسحب بشكل نهائي، تستقبل الصفعات والهزائم اليومية بتسليم ورضوخٍ كاملين. يصعب أن تجد نظرية «النقطة الثابتة» تطبيقاً اجتماعياً أكثر سطوعاً من ذلك!...

 

4) أسئلة ختامية للندوة:

      تقوم الرواية هنا بتوثيق الجمود والتقهقر والخراب الكليّ الذي نحياه اليوم، وبرصد وتقديم ملامح وأشكال هزائمنا المتوالية، بروحٍ ساخرة، بعمقٍ وأناقةٍ وحياكةٍ لذيذة. غير أنها (مثل الرواية عموماً) تكتفي غالباً بسرد كيفية وأشكال الخراب، دون التعمّق في أصوله ومسبباته ونشأته.

      لعلّ الرواية الأدبية تجد دوماً في رسم لوحة الخراب مرتعا خصيباً، لأنها تميل فطريّاً ل«علم تشريح» الخراب. غير أنها لا تميل ل«علوم البيولوجيا والسيكولوجيا التطورية» للخراب، وتهرب غالبا من مواجهة أصوله وأسباب نشأته وطرائق تطوُّره! إذ هي لا تحبّ مواجهة تساؤلات مثل: لماذا وصل الحال إلى هذه الدرجة من الانهيار؟ لماذا تترعرع في ثقافاتنا فيروسات تلتهم العقل، اللغة، الأحاسيس، الطاقات، والأحلام؟... لا تحبّ الرواية عموماً الخوض في هذه التساؤلات بحجّة أنها مهمّة الفلسفة والدراسات الاجتماعية.

ومع ذلك، ألسنا اليوم، وقد أبدعنا بما فيه الكفاية في رصد وتوثيق جغرافية الخراب، بحاجة إلى استخدام المخيلة الروائية واستثمار مرونة لغتها واتساع حريّاتها وتنوع تقنياتها في ملامسة جذر الألم ومتابعة سيرة تطوُّره واستفحاله؟ ألسنا بحاجة ماسّة في الخوض الروائي «الناعم» في الأسئلة الثقافية الأكثر جوهرية في حياتنا، والأكثر تعقيداً وتحريماً بالضرورة، وفي إعادة كتابة سيرة وأركيولوجيا الخراب دون الاكتفاء بجغرافيته فقط، وفي متابعة الصراط المستقيم ل«تطوره وانتقائه» الذي جعله اليوم يهيمن، وحده لا شريك له، على كلِّ تفاصيل حياتنا اليومية، يجثم جبّاراً عنيدا على كلِّ اتجاهاتها ومصائرها بنجاحٍ منقطعِ النظير؟